مجتبى زهير الحمزاوي
مرحبا بكم في منتديات مجتبى زهير الحمزاوي ارجو ان تكونوا في تمام الصحة والعافية

http://img104.herosh.com/2011/11/09/841744385.jpg
مجتبى زهير الحمزاوي
مرحبا بكم في منتديات مجتبى زهير الحمزاوي ارجو ان تكونوا في تمام الصحة والعافية

http://img104.herosh.com/2011/11/09/841744385.jpg
مجتبى زهير الحمزاوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجتبى زهير الحمزاوي

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتدى
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 فاتحي مواضيع
Admin
المثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس) I_vote_rcapالمثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس) I_voting_barالمثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس) I_vote_lcap 

 

 المثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 53
تاريخ التسجيل : 09/10/2009

المثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس) Empty
مُساهمةموضوع: المثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس)   المثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس) I_icon_minitimeالجمعة أبريل 30, 2010 8:04 pm

المبحث الرابع

انجازات المعتصم/
بناء الجيش :
اهتم المعتصم في بناء الجيش من ناحيتي العدة والعدد فقد اسطنع قوما من حوف مصر وقوما من حوف اليمن وحوف قيس فسماهم المغاربة واستعد رجال غراسان من الفراعنة وغيرهم من الاشروسية فكثر جيشه اضافة الى الاتراك فقد كان يصل عدد جنده في الحملات الى مائتي الف مقاتل مما جعله يضفر بالكثير من المعارك التي خاضها (1)
فقد قال الصوفي :- سمعت المغير بن محمد يقول انه لم يجتمع الملوك بباب احد قط مثل اجتماعها بباب المعتصم ولا ضفر ملك قط كظفره . اسر ملوك اذربيجان
وطبرستان واستيان وملك الشباصح وملك فرغانة وملك طنمارستان وملك كابل
فتح عموريه :- خرج المعتصم غازيا الى بلاد الروم وذلك يوم الاثنين ليلتين خلت من جماد الاول من سنة ثلاث وعشرين ومائتين بعد قتله بابك فذكر انه تجهز بجهاز لم يكن لخليفة مثله قط من السلاح والعدد والالة والبغال والقرب وجعل على مقدمته اشناس التركي ويتلوه محمد ابن ابراهيم وعلى ميمنته ابناخ التركي وعلى ميسرته جعفر ابن دينار الخياط وعلى ساقته بعا الكبير ويتلوه دينار بن عبد الله وعلى القلب عجيف ابن عمبس وكان عدد جيش المعتصم بين المائتي الف والخمسمائة الف ولقي ملك الروم الافشين جندر ابن كاوس فحاربه فهزمه الافشين وقتل اكثر بطارقته واصحابه وفتح المعتصم حصونا كثيرة ونزل على مدينة عمورية فدخلها وخرج اليه لاوي البطري فسلمها اليه فاسر البطريق الكبيروهو باطس وقتل منها ثلاثين الف واقام عليه المعتصم اربعة ايام يهدم ويحرق واراد المسير الى القسطنطينية برا وبحرا فاتاه ما ازعجه من امر العباس بن المامون وان ناسا قد بايعوه فعجل المعتصم في مسيره فحبس العباس حتى مات في سجنه (3)
وكان المنجمون قد اعتبروا خروجه طالع نحس وانه يكسر فكان من نصره وظفره مالم يخف فقال في ذلك ابو تمام في قصيدته المشهورة

السيف اصدق انباء من الكــتب في حده الحد بين الجد واللعــــــب
والعلم في شهب الارماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشهــب
ابن الرواية ام اين النجــــــــوم وما صاغوه من زخرف وما كذب
تحرصا واحــــــــــاديث ملفقة ليس بعجب اذ عدت ولا عرب (4)

--------------------------------------------------------------------------
(1) مروج الذهب 2000 بيروت ج4 ص 57-58
(2) تاريخ الخلفاء 2000 بيروت ج1 ص313
(3) مروج الذهب 2000 بيروت ج4 ص64
(4) تاريخ الخلفاء 2000 بيروت ج1 ص 310

7
لما خرج ملك الروم وفعل في بلاد الاسلام ما فعل بلغ الخبر للمعتصم فلما بلغه ذلك استعظمه وكبر لديه وابلغه ان امرأة هاشمية صاحت وهي اسيرة في ايدي الروم وامعتصماه فأجابها فهو جالس على سريره لبيك لبيك فنهض من ساعته وصاح في قصره النفير النفير وركب دابته بعد ان جمع العساكر ثم سار المعتصم وعسكر بقرب دجلة ليلتين خلتا من جمادي الاول فسار المعتصم من سامراء الى عمورية بعد ان استطاع اصحاب المعتصم ومعهم المغاربة والاتراك في هدم الاسوار وكثرت الجراحات في الروم ودخل عمورية بعد ان امر بعمورية فهدمت واحرقت وكان نزوله عليها لست خلت من شهر رمضان وأقام عليا خمس وخمسون يوما وفرق الاسرى على قادته وسار نحو طرسوس (1)
لما فرغ المعتصم من بابك فقتله واخذ بلاده استدعى الجيوش بين يديه وتجهز جهازا لم يجهزه احد كان قبله من الخلفاء واخذ معه من الحرب الاحمال والجمال والدواب والنفط والخيل والبغال شيئا لم يسمع بمثله وسار الى عمورية في جحافل وعبئ الخليفة جيوشه وقدم بين يديه الامراء المعروفين بالحرب فتقاربا الجيشين وتغلب الافشين على ملك الروم (2)
فكانت الواقعة بين الافشين وملك الروم في ذكرى يوم الخميس لخمس بقين من شعبان وكانت أناخت المعتصم على عمورية يوم الجمعة لست خلت من شهر رمضان وقال الحسن ابن الضحاك الباهلي يمدح الافشين ويذكر وقفته التي كانت بينه وبين ملك الروم .
اثبت المعصوم عذرا لابي حسن اثبت من ركن اضم
كل مجد دون ما اثلــــــه لبني كاوس املاك العجم
ونما الافشين سيف سله قدر الله بكف المعتصم (3)











--------------------------------------------------------------------------
(1) الكامل في التاريخ 1978 بيروت ج5 ص 247
(2) البداية والنهاية 1998 بيروت ج7 ص293
(3) الطبري / ابو جعفر الطبري بيروت 2000 ج9 ص202






8
محاربة الزط
في سنة تسع وعشرون ومائتين وجه المعتصم عجيف ابن عنبسة في جماد الاخر بحرب الزط الذين عاثو في طريق البصرة فقطعوا فيه الطريق فاحتملو ا الفلات من البيادر في عسكر وما يليه من البصرة واخافو السبيل فرتب الخيل في كل سكة تركض بالاخبار فكان الخبر يخرج من عجيف فيصل المعتصم من يومه وقد خرج عجيف في خمسة الالاف رجل ووصل الى بردوا فحاصرهم وسد عليهم الاتهار التي يخرجون منها وابرزخا نهر الخروس فحاصرهم في كل وجه فاسر منهم خمسمائة رجل وقتل في المعركة ثلاث مائة رجل فضرب اعناق الاسرى وبعث برؤسهم الى المعتصم وكان رئيس الزنط رجل يدعى محمد بن عثمان والذي استمر بالقتال لمدة تسعة اشهر (1)
في سنة تسعة عشر ومائتين عندما دخل عجيف بالزط بغداد بعد ان ضيق عليهم وقاتلهم وطالبوا منه الامان فامنهم فخرجو اليه في ذي الحجة سنة 219 وكانت عدتهم مع النساء والصبيان سبعة وعشرين الف المقاتلة منهم اثنا عشر الف فلما خرجو اليه جعلهم في السفن وعباهم في سفنهم على هيئتهم في الحرب معهم البوقات حتى دخل بهم بغداد يوم عاشوراء من هذه السنة وخرج المعتصم الى الشماسية في سفينة يقال لها الرف حتى يمر به الزط على تعبيتهم وهم ينفخون في البوقات واعطى عجيف اصحابه كل رجل دينارين واقام الزط في سفنهم ثلاثة ايام ثم نقلوا الى الجانب الشرقي وسلموا الى بشر بن السميدع فذهب بهم الى خانقين ثم نقلو الى ثغر الى عين زرية فاغارت الروم عليهم فاجتاحوهم فلم يفلت منهم احد (2)
من المصاعب التي واجهت المعتصم في خلافته وهددت مواقف دولته فتنته الهنود المعروفين بالزط الذين استولوا على طريق البصرة وفرضوا المكوس الجائرة ثم حاولوا دون وصول المؤن والاقوات الى بغداد وقد ندب المعتصم عجيف بن عنبسة احد القادة من العرب فعسكر بالقرب من واسط وسد الانهار عليهم واحاط بهم من كل جانب وقاتلهم تسعة اشهر ثم ارغمهم على طلب الامان وكان عددهم سبع وعشرون الف بين نساء ورجال واطفال فحملهم عجيف في السفن ودخل بهم بغداد يوم عاشوراء من سنة 220 فشاهدهم المعتصم ورجال دولته ثم امر بهم فنفوا الى اسيا الصغرى وظلوا هناك الى ان اسرهم البيزنطنيين سنة 241 هـ ومن ثم وجدوا طريقا الى الوربا وعرفوا هناك بإسم Gypsiesاو النورة ويقيمون عادتا في خوارج المدن


--------------------------------------------------------------------------
(1)تاريخ الطبري بيروت ج5 ص 159
(2)الكامل في التاريخ / ابن الاثير بيروت 1978 ج5 ص233
(3) تاريخ الاسلام السياسي والديني /دكتور حسن ابراهيم حسن 1978 بيروت ج5 ص256



9





القضاء على بابك الخرمي
عندما اشتد امر بابك الخرمي ببلاد ايران والبلقان وكثرت عثرتة (كثر جيش بابك من سقلة الناس في تلك البلاد) وسار عسكره نحو تلك الامصار ففرق الجيوش وهدم العساكر وقتل الولاة وافنى الناس فسير اليه المعتصم الجيوش وعليها الافيشن وكثرة حروبة وضاقت ببابك في بلادة حتى انقض جمعة وقل رجاله وامتنع بالجبل المعروف بالبدين بارض الران وهي بلاد بابك وبه يعرف هذا الموقع الى هذا الوقت .
ثم هرب بابك من موقعة وزال عنة مكانة وتنكر هو واخوته وولده ورجالة واهله زمن تبعة من خواصة وقد تزيا بزي السفر واهل التجارة والقوافل فنزل في بلاد ارمينيا من اعمال سهل بن السنباط من بطارقة ارمينيا على بعض المياه بالقرب منهم راعي يرعى الغنم فابتاعو منه شاة وساموا شراء شيء من الزاد لهم فمضى الراعي من فورة الى سهل بن سنباط الارمني فاخبرة الخبر وقال هو بابك لاشك فيه .ولقد كان الافشين لما هرب بابك من موضعة فاخذ الطرق وكاتب البطارقة في الحصون والمواضع من بلاد ارمينيا واذربيجان واران والبلقان وضمن في ذلك الرغائب فلما سمع سهل بن سنباط من الراعي مااخبرة به سار من فورة حتى اتى الموضع الذي فيه بابك فترجل له ودنى منه وسلم عليه بالملك وقال له ايها الملك قم االى قصرك الذي فيه وليك وموضع يمنعك الله فيه من عدوك فسار معه واتى الى قلعة ورفع منزلته ومن معه ثم جاء بحداد وقال له مد رجليك ايها الملك واوثقة بالحديد وقال له بابك اغدرا ياسهل وقيد من كان معه وارسل الى الافشين يخبرة هذا الخبر فارسل اليه الافشين اربعة الاف فارس وعليهم خليفة يقال له بو حادة فتسلموا بابك ومن معه ورفع الافشين منزله سهل وخلع عليه واسقط عنة الخراج سار الافشين ببابك حتى بلغ سر من راى وذلك سنة ثلاث وعشرين ومائتين وتلقى الافشين هارون بن المعتصم واهل بيت الخلافة ورجال الدولة نزل بالموضع العروف بالقانوط على خمس فراسغ من سامراء وبعث اليه بالفبل الاشهب وكان قد حملة بعض ملوك الهند الى المامؤن وكان فيلا عظبما قد جلل بالديباج الاحمر والاخضر وانواع الحرير الملون وحمل الى الافشين دراعه من الديباج الاحمر وقلنسوةعظيمة من الديباج الاحمر ودخل الافشين المعتصم واتى ببابك فقال له المعتصم انت بابك فلم يجب وكررها وبابك ساكت ثم قال نعم انا بابك فسجد المعتصم عند ذلك فامر بقطع رجليه ويديه .(1)

--------------------------------------------------------------------------
(1) مروج الذهب المسعودي /بيروت 2000 ج4ص60-61




10
دخل الافشين وقدم الى المعتصم وهو بسر من راى فتاقاه القادة والناس ودخلها لليلتين من صفر لسنة ثلاث وعشرون ومائتين وبابك بين يدية على الفيل حتى دخل على المعتصم فامر يقطع يديه بابك ورجليه ثم قتله وصلبة في سر من راى ووجة اخيه عبد الله الى بغداد قتلة اسحاق بن ابراهيم وصلب على الجسر في الجاني الشرقي من بغداد .



المعتصم والرقم ثمانية

قال نفطويه والصولي كان للمعتصم مناقب , وكان يقول له المثمن لانه
ثامن الخلفاء من بني العباس
والثامن من ولد العباس
وثامن أولاد الرشيد
وملك ست وثمان عشر
وملك ثمان سنين وثمانية اشهر وثمانية ايام
ومولدة سنة ثمان وسبعين
وعاش ثمان واربعين سنة
وطالعة العقرب وهو ثامن الابراج
وفتح ثمان فتوحات
وقتل ثمانية اعداء
وخلف ثمانية اولاد
وثمانية اناث (1)











-----------------------------------------------------------------------------
(1) تاريخ الخلفاء 2000 بيروت ج1 ص309



11



المبحث الخامس

الامام الجواد والمعتصم

عاصر الإمام محمد بن علي الجواد (ع) ، خليفتين عباسيين . والخليفة الذي عاش الإمام في عهده ظروفاً هادئةً ، هو المأمون العباسي . ومعروف أن المأمون قام ¬¬بالتقرب إلى العلويين وإلى سيدهم الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ، بسبب الضغط الجماهيري الذي تعرض له النظام العباسي حيث تميز عهده بسلسلة مـن الثـورات والإنتفاضات في كافة أرجاء الدولة الإسلامية . (1)
ويقـول بعض المؤرخـين : أن المأمون العباسي كان شيعياً ، وكان يذهب إلى أحقية أولاد الإمام علـي (ع) بالخلافـة ، وإلى إمامـة الإمام علي (ع) ، ولكنتا لا نرى ذلك في المأمون العباسي لأن ذلك شرف لا يستحقه خليفة غاصب . يبقى أن نعرف أنه بعد استشهاد الإمام الرضا (ع) على يد المأمون ، أصبح محمد بن علي الجواد (ع) الإمام الشرعي للرساليين ، ومعروف أن الإمام الجواد (ع) صاهر المأمون العباسي .

لماذا صاهر الإمام الخليفة ؟
ونتساءل لماذا أقدم الإمام الجـواد (ع) على الزواج من بنت المأمون العباسي ولكي نعرف الإجابة عن مثل هذا السؤال لابدّ أن نلقي نظرة على الحركة الرسالية التي كان الأئمة (ع) يقودونها ويوسعونها ، في عصر الإمام الرضا ونجله الإمام الجواد (ع) .في عهد المأمون تحوَّلت الحركة الرسالية إلى حركة تستطيع أن تتداخل مع النظام وتستفيد من مظلته أو حتى تكوّن ما يسمى اليوم بحكومة ائتلافية ،




12
، والأئمة (ع) كانوا يقبلون بالحماية من قبل الدولة بدون أن يفقدوا رسالتهم . والأئمة المعصومون (ع) لم يحلوا حركتهم ، أي أنهم لم يقبلوا بالخلافة ولم يشتركوا فيها ، والدليل على ذلك موقف الإمام الرضا من ولاية العهد حيث قبلها بشرط عدم التدخل في شؤون النظام . أما الإمام الجواد (ع) فحينما خطب أبنة المأمون وتزوجها ، أصبح صهر الخليفة واستفاد من ذلك لأجل رسالته فماذا يعني أن يصبح شخص صهراً للخليفة ؟ ¬إن من يدخل البلاط يمكن أن يصير والياً على منطقة ، أو حاكماً على بلد ، أو قاضي القضاة لا أقل ، ولكن الإمام الجواد لم يفعل شيئا من ذلك ، بل أخذ بيد زوجته وذهب إلى المدينة وبقي هناك حتى مات المأمون العباسي .
فماذا كسب الإمام (ع) من هذه المصاهرة ؟
كسب الإمام الجواد (ع) بهذا العمل أمرين :
أولاً : منع المأمون من أن يقوم بعملية اغتياله ، وذلك بقبوله الزواج من ابنته .
ثانياً : جعل مخالب السلطة وانيابها في قفص الحركة الرسالية ، وذلك أن المأمون ما كان ليجرؤ بعد ذلك على أن يقوم بالفتك برجالات الحركة ومجموعاتها .
ولقد كان هذا الأسلوب متبعاً في كثير من عصور الأئمة (ع) ، وخير شاهد على ذلك قصة علي بن يقطين بن موسى البغدادي الذي كان بمثابة مستشار للخليفة المهدي العباسي ، ثم صار في رتبة الوزير لهارون الرشيد ، وعندما حصل على هذا المنصب وكان اتجاهه رسالياً ، جاء إلى الإمام الصادق (ع) وقال : “ يا ابن رسول اللـه أنا صرت عوناً لهذا الطاغية “ وأراد أن يستقيـل ، ومعروف أن الذي يحصل على هذا المركز ذلك اليوم يسيطر على مرافق أكبر دولة في العالم .
فطلب منه الإمام أن يظل في عمله ، ويستمر في أداء مهامه الرسالية ويبقى في بلاط هارون ، وعاود الطلب من الإمام بأن يأذن له بترك السلطة إلاّ أن الإمام لم يأذن له ، ولقد كانت أعماله كبيرة بالنسبة للحركة، حتى أن الإمام أبا الحسن (ع) قال فيه عندما دخل عليه داود الرقي، في يوم النحر : “
(1 ) جامع الرواة / العلامة الأردبيلي : ( ج 1 ، ص 609 )

13
عصر المعتصم العباسي :
والإمام الجواد (ع) عاصر خليفة من الخلفاء الذين أثَّروا تأثيراً مباشراً على زوال الدولة العباسية ، وهو المعتصم العباسي .
المعتصم العباسي كان ابن أمة تركية ، فمال إلى أخواله فكان يحب جمع الأتراك وشراءهم من أيدي مواليهم ، فاجتمع له منهم أربعة آلاف ، وألبسهم أنواع الديباج والمناطق المذهبة والحلي المذهبة وأبانهم عن سائر الجنود
ثم وسمهـم رتباً قياديـة في الجيـش حتى أنه ثارت ثائرة العسكريين العرب في الجيش ، فلقد حاول “عجيـــف “ أن يقلب الحكم على المعتصم ليولّي العباس بن المأمون ، ولكن هذه المحاولة أخفقت وقتلـه المعتصم .
والأتراك حينما جاؤوا إلى البلاد الإسلامية أخذوا شيئاً فشيئاً يسيطرون على الحكم ويجردون الخلفاء من سلطتهم الحقيقية ، وأخذوا يحدثون الانقلابات العسكرية ( كما نسميها الآن ) . حتى وصل بهم الأمر إلى أنه إذا مال عنهم خليفة عباسي ، فإنهم كانوا يقتلونه غيلة ، ثم ينصبون رجلاً آخر من البيت العباسي مكانه ، فابتداءً من المتوكل إلى المستعين إلى المهتدي وانتهاءاً بالمقتدر ، كل هؤلاء قتلوا بواسطة القادة العسكريين الأتراك .
وهكذا كانوا يقومون بالخلع والقتل لأي خليفة لم تتجاوب أهواءه مع أهوائهم ، وليس ذلك لشيء في تركيبة العنصر التركي ، وإنما نتيجة للحالة المتردية التي وصل إليها المجتمع الإسلامي من الانحلال والفساد الخلقي الشامل .
والإمام الجواد (ع) استفاد من هذا الوضع في تغذية الحركات الرسالية التي كانت تضع جنينها للمستقبل ، وفي هذا الوقت كانت الثورة التي قام بها محمد بن القاسم بن علي الطالبي تقلق السلطة ولا تدعها تعيش في هدوء وسكينة .

-----------------------------------------------------------------------------
(1 ) نفس المصدر


14

نموذج من الثورة العلوية :
لقد كانت ثورة محمد بن القاسم بن علي بن عمر ابن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) أبرز ثورة في عهد الإمام الجواد (ع) .
كان محمد بن القاسم جليل القدر إذا ما قرأنا يوميات جهاده . كانت العامة تلقبه بالصوفي ، لأنه كان يدمن لبس الصوف الأبيض الخشن ، وكان من أهل العلم والفقه والدين والزهد . كان قد ذهب إلى ( مرو ) في مقاطعة خراسان ، وكان معه من الكوفيين بضعة رجال ، وذلك بعد أن رحل من الكوفة ، وكان قبل ذلك قد خرج إلى ناحية الرقة ، ومعه جماعة من وجوه الزيدية ، منهم يحيى بن الحسن بن الفرات ، وعبّاد بن يعقوب الرواجني والزيدية كانت تشكل القاعدة للكثير من الثورات .روى إبراهيم بن عبد العطّار : “ كنا معه ، فتفرقنا في الناس ندعوهم إليه ، فلم نلبث إلاّ يسيراً حتى استجاب له أربعون ألفاً ، وأخذنا عليهم البيعة ، وكنا أنزلناه في رستاق من رساتيق مرو ، وأهله شيعة كلهم ، فأحلوه في قلعة لا يبلغها الطير في جبل حريز “.
ومرة سمع بكاء في ( مرو ) فندب أحد أصحابه ليرى ما هذا البكاء ، فجاءه بخبر أن أحد الذين بايعوه قد كان غصب شيئاً من أحد الرجال ، فأصلح بينهما ، فقال محمد لصاحبه إبراهيم : “ يا إبراهيم : أبمثل هذا ينصر دين اللـه ؟ ثم قال : فرقوا الناس عني حتى أرى رأيي “ . فانتخب الصالحين من الذين بايعوه ثم سار بهم ، وهذا نموذج من طبيعة الثورات الرساليــــة إذ أنها لـــم تكن تبيح أية وسيلة في سبيل الوصول إلى الهدف ، بل مثلما يكون الهدف هو إقامة حكم اللـه عزّ وجلّ ، يجب أن تكون الوسيلة أيضاً مرضية من قبل اللـه تعالى .
وهذا كان يربي المجتمع على عشق المثل العليا ، والمبادئ السامية ، وبعدما نقّي اصحابه ، ساروا إلى الطالقان .
-----------------------------------------------------------------------------
(1) مروج الذهب 2000( ج 3 ، ص 465 )
15
ويروي إبراهيم صاحبه :
“ ورحل محمد بن القاسم من وقته إلى الطالقان ، وبينها وبين مرو أربعين فرسخاً ، فنزلها وتفرقنا ندعو الناس فاجتمع عليه عالم ، وجئنا إليه ، فقلنا له : إن أتممت أمرك ، وخرجت فنابذت القوم ، رجونا أن ينصرك اللـه ، فإذا ظفرت اخترت حينئذ من ترضاه من جندك ، وإن فعلت كما فعلت بمرو - يقصد اختيار الصالحين فقط - ، أخذ عبد اللـه

بن طاهر يعقبك ، وهكذا أراد صاحبه “ ابراهيم “ أن يثنيه عن إبعاد الذين ليسوا بملتزمين جيداً عن جيش الثورة “ . ولكن محمد بن القاسم أبى ذلك ، ودخل محمد بن القاسم مع عبد اللـه بن طاهر في حروب كثيرة وكان يلحق به شرَّ الهزائم .
ومرة هدأت صولات الحرب بينهما ، فسارع عبد اللـه بن طاهر بإرسال كل جيوشه مقسمة في فرق ضمن خطة ماكرة جداً ، وقال ابن طاهر لقائد جيوشه وهو ابراهيم بن غسان بن فرج العودي :
“ قد جرَّدت لك ألف فارس من نخبة عسكري ، وأمرت أن يحمل معك مائة ألف درهم تصرفها فيما تحتاج إلى صرفها من أمورك ، وخذ من خيلي ثلاثة أفراس نجيبة معك تنتقل عليها ، وخذ بين يديك دليلاً قد رسمته لصحبتك فادفع إليه من المال ألف درهم ، واحمله على فرس من الثلاثة فليركض بين يديك ، فإذا صرت على فرسخ واحد من “ نسا “ ، ( وهي المدينة التي يتواجد فيها محمد بن القاسم ) فافضض الكتاب ، واقرأه واعمل بما فيه ولا تغادر منه حرفاً ، ولا تخالف مما رسمته شيئاً واعلم أن لي عيناً في جملة من صحبك يخبرني بأنفاسك ، فاحذر ثم احذر وأنت أعلم “ .
وهذا يبين مدى خوف ابن طاهر من أن يكون هذا القائد يميل إلى صف محمد بن القاسم ، فلقد كان ذلك شيئا طبيعياً لأن نفوس الناس كانت مع الحركة الثورية ، ولكن السلطات كانت تجلب وتسخّر الناس في ضرب الحركة الرسالية مرة بالتهديد ومرة بالإغراء ومرة بالإفساد ومرات بأساليبها المختلفة حتى أن ابن طاهر يقول : جعلت عيوناً عليك يرقبون أنفاسك .
فسار قائده إلى “ نسا “ وقبل أن يصل بفرسخ فتح كتاب ابن طاهر وإذا فيه الخطة كاملة، والبيت الذي يسكن فيه محمد بن القاسم ، وصاحبه أبو تراب ، ويأمره فيه أن يستوثقهما بالحديد ، استيثاقاً شديداً ، وأن ينفذ خاتمه مع خاتم محمد بن القاسم أول ما يظفر به ، وقبل أن يعود خطوة واحدة لكي يطمئن ، وعلى الذي يرسلهما معه أن يركض بهما ركضاً ، ثم يكتب إليه شرح ما حدث . “ وكن على غاية التحرز والتحفظ والتيقظ من امره حتى تصير به وصاحبه إلى حضرتي “ .


-----------------------------------------------------------------------------
(1) البحار :2001 بيروت ( ج 50 ، ص 23 )





16
نجحت الخطة وحمل محمد بن القاسم مع صاحبه أبو تراب إلى ابن طاهر في نيسابور ، فجاء ابن طاهـــر ليراهما فقال لقائده :
“ ويحك يا إبراهيم “ أما خفت اللـه في فعلك - يقصد القيود الثقيلة جداً التي وضعها على محمد وصاحبه - أتقيد هذا الرجل الصالح بمثل هذا القيد الثقيل ؟
فقال إبراهيم العودي ( قائده ) :
“ أيها الأمير خوفك أنساني خوف اللـه ووعدك الذي قدمته إليّ أذهل عقلي عما سواه “ . وكانا يتكلمان من فوق سطح يطل على الغرفة المسجون بها محمد بن القاسم في نيسابور .
فقال ابن طاهر : خفف هذا الحديد كله عنه ، وقيِّده بقيد خفيف في حلقته رطل وليكن عموده طويلاً ، وحلقتاه واسعتين ليخطو فيه ، وفي فترة سجن محمد بن القاسم طلب قرآناً يتدارس فيه . وكان عبد اللـه بن طاهر يخرج من اصطبله بغالاً عليها القباب ليوهم الناس أنه قد أخرجه ، ثم يردّها حتى استتر بنيسابور ، سلّه في جوف الليل ، وخرج به مع إبراهيم العودي ووافى به الري ، وقد أمره عبد اللـه بن طاهر أن يفعل به كما فعل هو ، يخرج في كل ثلاث ليال ومعه بغل عليه قبة ، ومعه جيش حتى يجوز الري بفرسخ ، ثم يعود إلى أن يمكنه سلّه ، ففعل ذلك خوفاً من أن يغلب عليه لكثرة من أجاب محمد بن القاسم بالبيعة له ، حتى أخرجه من الري ولم يعلم به أحد ، ثم اتبعه حتى أورده بغداد على المعتصم .
وقد سمع المعتصم بمسير محمد إلى بغداد ، فأرسل إلى طاهر العودي أن انزع العمامة من عليه واجعله حاسراً وانزع رداء قبة البغل ليكون على البغل حاسراً ، ثم أدخله بغداد . وكان يريد بذلك تعذيب محمد نفسياً والحط من كرامته ، وقد ازدحم الناس ازدحاماً شديداً على الطرقات حين إدخال محمد بن القاسم إلى بغداد ، ثم أدخل على المعتصم في مجلس اللـهو والشراب .
وقيل : وجعلت الفراعنة يحملون على العامة ويرمونهم بالقذر والمعتصم يضحك ، ومحمد بن القاسم يسبّح ويستغفر اللـه ويحرك شفتيه يدعو عليهم ، والمعتصم جالس يشرب ، ومحمد واقف إلى أن انتهى من لعبه فأمر بسجنه .
وسرعان ما دبّر محمد بن القاسم حيلة ذكية للهروب ، ثم توارى عن الأنظار في بغداد ثم إلى واسط ، وقد شَدَّ وسطه للوهن الذي أصاب فقار ظهره عند عملية هروبه . وظل محمد مختفياً بعد ذلك إلى نهاية عهدَي المعتصم ومحمد الواثق ، ثم بعض أيام المتوكل ، وقيل أنه أخذ إليه فحمل إلى السجن حتى مات فيه .





-----------------------------------------------------------------------------
(1) جامع الرواة / العلامة الأردبيلي : ( ج 1 ، ص 609 )



17


ولكن ماذا فعل خلال فترة تواريه عن الأنظار وهي ليست بالفترة القليلة ؟ هذا ما أجابت عليه الثورات العديدة التي قامت بعد ذلك في عهد المتوكل ، والمستعين وما بعده من الخلفاء ، التي لم تدع الخليفة يلعب ويلهو براحة .
وفي واسط سكن محمد بيتــــاً يعــــود إلى أم ابــن عمــه علي بــن الحســن بــن علي بن عمر ابن الإمام زيـــن العابدين (ع) وكانت عجوزاً مقعدة ، فلما نظرت إليه وثبت فرحاً وقالت : “ محمد واللـه ، فدتك نفسي وأهلي ، الحمد لله على سلامتك “ فقامت على رجلها وما قامت قبل ذلك بسنين .
وقال إبراهيم العودي ، قائد جيوش ابن طاهر يصف محمداً :
ما رأيت قط أشدّ اجتهاداً منه ، ولا أعف ، ولا أكثر ذكراً لله عزّ وجلّ مع شدة نفس ، واجتماع وما أظهر من جزع ولا انكسار ولا خضوع في الشدائد التي مرت به ، وإنهم ما رأوه قط مازحاً ولا هازلاً ولا ضاحكاً إلا مرة واحدة ، فإنهم لما انحدروا من عقبة حلوان أراد الركوب ، فجاء بعض أصحاب إبراهيم بن غسان العودي ، فطأطأ له ظهره ، حتى ركب في المحمل على البغل ، فلما استوى على المحمل قال للذي على ظهره مازحاً : “ أتأخذ أرزاق بني العباس وتخدم بني علي بن أبي طالب ؟ وتبسم “ . وقال : عرضوا على محمد بن القاسم كل شيء نفيس من مال وجواهر وغير ذلك ، فلم يقبل إلاّ مصحفاً جامعاً كان لابن طاهر فلمّا قبله ، سُر عبد اللـه بن طاهر بذلك ، وإنما قبله لأنه كان يدرس فيه .
ووجود شخصية ثورية مثل محمد وثورة مثل ثورته تدلان على أن الحركة الرسالية لم تتوقف يوماً ما عن مسيرتها ، وأنها لا يمكن أن تميل عن استقامتها التي كانت معهودة بها ، وهاتان ميزتان موجودتان في طول الثورات التي قامت بها الحركة الرسالية . بجانب وضع السلطة المتأزم ومن عهد الإمام الجواد (ع) بدأت مسيرة ذات كيفية خاصة للثورات وطبيعتها ، ووضع الحركة الرسالية في أيام الإمام الجواد كان جيداً ، وإذا كان أحرج وقت مرّ على الحركة الرسالية هو في أيام الإمام موسى بن جعفر (ع) ، فإن أحسن الأوقات كانت في عهد الإمام الجواد (ع) ، وربما لذلك جاء في الحديث المأثور عن ابن اسباط وعبّاد بن إسماعيل : “ أنا لَعند الرضا (ع) بمنى إذ جيء بأبي جعفر (ع) قلنا : هذا المولود المبارك قال : نعم هذا المولود الذي لم يولد فـي الإسلام أعظم بركة منه “ وروي أبو يحيى الصنعاني قال : كنت عند أبي الحسن (ع) فجيء بابنه أبي جعفر (ع)
وهو صغير فقال: “ هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم على شيعتنا بركة منه “
والبركة التي حصلت للحركة الرسالية بولادة الإمام الجواد (ع) ليست في ارتفاع الإرهاب والاختناق السياسي عنهم فقط بل وأهم من ذلك في تجذر الرسالة عقيدة وفكراً وسياسةً وفقهاً .

-----------------------------------------------------------------------------
(1) البحار :2001 بيروت ( ج 50 ، ص 23 )


18

وفاتــــــــــه

توفي المعتصم يوم الخميس لاحدى عشر ليلة بقيت من شهر ربيع الاول سنة سبع وعشرون ومائتين (1)
وقال بعضهم توفي المعتصم يوم الخميس لثماني عشر ليلية مضت من شهر ربيع الاول لساعتين مضتى من النهار وكان عمرة ثمان واربعون سنة وذكرت العلة التي كانت منذ وفاته انه احتجم اول يوم صفر واعتل بعدها .
فذكر محمد بن احمد بن رشيد عن زنام الزامر قال وجدت المعتصم في علته التي توفي فيها فقال هيئوا لي الزلازل لأركب غداَ قال فركب وركبت معه فمر في دجله بازاء منازله فقال يازنام ازمر لي

يا منزلا لم تبل اطلاله حاشا لاطلالك ان يبتلى
لم ابك اطلالك لكنني بكيت فيك يمشي اذ ولى
والعيش اولى مابكاه الفتى لايد للمحزون يبســـــلى

وقد تناول منديل بين يديه فما زال يبكي ويمسح دموعه فيه وينتحب حتى رجع الى منزله وذكر انه قال لو علمت ان عمري هكذا فصبر ,مافعلت ما فعلت حتى مات ودفن في سامراء (2)













-----------------------------------------------------------------------------
(1) تاريخ الخلفاء بيروت عام 2000 ج1 ص311
(2) تاريخ الطبري 2008 بيروت ج9 ص 233





19
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mjtabazuhair.rigala.net
 
المثمن العباسي (المبحث الرابع والخامس)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المثمن العباسي (البحث الاول والثاني والثالث)
» المبحث الرابع من بحث مدينة لملوم
» المبحث الثالث من بحث مدينة لملوم
» المبحث الثاني من بحث مدينة لملوم
» المبحث السادس من بحث مدينة لملوم + الخاتمة + المصادر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجتبى زهير الحمزاوي :: البحوث العلمية-
انتقل الى: